17- قوله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ}
الآيتين، فيه بيان الوقت الذي تقبل فيه التوية وهو ما لم يصل الإنسان إلى الغرغرة ومشاهدة ملائكة الموت والعذاب فإذا وصل إلى ذلك لم تقبل له توبة ولا يصح منه إيمان، أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ}
قال: القريب ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت، وعن الضحاك قال القريب ما دون الموت، وعن الحسن قال ما لم يغرغر، وأخرج عبد الرزاق عن ابن عملا أنه قال: التوبة مبسوطة للعبد ما لم يسق ثم قرأ الآية، وقال وهل الحضور إلا السوق؟ وأخرج أحمد والترمذي من حديثه مرفوعاً "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرر"، وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي العالية "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ}
قال: هذه لأهل الإيمان، {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} .
قال هذه لأهل النفاق، {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} .
فال هذه لأهل الشرك، واستدل بعموم الآية على صحة التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره، وبعد نقضها وعلى صحة توبة المرتد.
19- قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} .
نزلت رداً على ما كان في الجاهلية من أن ولي الميت أحق بامرأته من أهلها إن شاء تزوجها وإن شاء زوجها. أخرجه البخاري، ففيه أن الحر لا يتصور ملكه ولا دخوله تحت اليد ولا يجري مجرى الأموال بوجه.
قوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} الآية.
قال ابن عباس: يعني لا تقهروهن، وهو في الرجل يكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضربها لتفتدي، أخرجه ابن أبي حاتم وأخرج عبد الرزاق عن ابن السلماني قال نزلت أول الآية في أمر الجاهلية وآخرها في أمر الإسلام، ففيه تحريم الإضرار بالزوجة ليلجئها إلى الإفتداء وإباحته إذا كان النشوز منها، أخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن زيد أن ابن عباس كان يقول في هذه الآية {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}
: النشوز وسوء الخلق، وأخرج من طريق العوفي عنه قال: الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم، وأخرج من طريق مجاهد عنه قال: هي الزنا، واستدل قوم بظاهر الآية على جواز الإضرار إذا حصل منها ما ذكر والتضييق عليها حتى تفتدى، وقال آخرون إنما هي مبيحة للأخذ دون الاضرار فالاستثناء على هذا منقطع، واستدل قوم بقوله: {بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}
على منع الخلع بأكثر مما أعطاها.